Tuesday, November 16, 2004

The Flower Of Winter قرنفلة الشتاء


صارت حياتي حلماً جميلاً ، أخرجني من حالة القنوط الرهيبة ، التي كانت تفتّت قوّتي ، كما تفتّت الرياح الرمليّة صلابة الصخور . وصرت أقضي أيّامي كلّها معها ، كاليوم الأوّل ، غير عابئٍ بالتوبيخ .
***
فقد كنت من قبل ، نحلةً صغيرةً يائسة ، لأنّي طرت في الربيع ، والصيف ، والخريف ، والشتاء ، طرت في كلّ مكان ولم أجد إلّا الأشواك القاسية ، ولم تدخل لتنعش أنفي يوماً إلّا رائحة العفن .
طرت وعيوني غارقةٌ في الدموع ، دموعي على نفسي !؟!
طرت وأنا أبكي قدري ، الذي أوجدني في هذه الصحراء القاحلة . لأنّي لم أجد الرحيق الذي من دونه لا أعيش ، والذي لا تملكه إلّا زهرةٌ واحدة ، القرنفلة الحمراء ، التي طرت باحثاً عنها في كلّ مكان ، لأبني قفيري بقربها .
طرت بلا أملٍ بوجودها ، إلّا في عالم الأحلام .
طرت طويلاً وطويلاً ، حتّى كلّت من التعب أجنحتي . فلم أعد أجد إلّا طيف الموت مرفرفاً أمامي ، فعدت إلى عالمي الذي إعتقدت أنّي أعرفه ، لأموت حيث ولدت ، عالمي الذي حفظت زواياه غيباً ، فماذا ترى عيوني ؟
وما الذي ينعش أنفي ؟
أليست هذه هي الزهرة التي كنت أبحث عنها بلا أمل ؟
هل هذا ما يسمّونه السراب ؟
هل هذا جوعي وعطشي ؟
***
نظرت إليها ، فامتلأت عيوني وروحي بالأمل ،
نظرت إليها ، فاحمرّ لونها الأحمر من كثرة الخجل .
نظرت إليها وأنا أسأل نفسي : لماذا لم أرها من قبل ؟
فوجدت الأشواك تحيط بها من كلّ جانب ، وجدتها تتلوّى أمام أصابع الشوك ، كما تفعل الأوتار في يد العازف .
وجدتها مع تلك النغمة الحزينة ، مع تلك الدموع الخفيّة ، فسألتها : كيف وصلت الى هنا ؟
قالت : من السماء ، رماني عصفورٌ ملائكيٌّ كبير .
قلت : لماذا جئت ؟
قالت : جئت لأعيش ، فذوّبتني الشمس بجفافها .
قلت : ولماذا تذوّبك الشمس ؟
قالت : لأنّها اعتقدت أنّها بسرقة الماء الذي به أعيش ، أحبّها وأشتاق إليها أكثر ، فلم تعلم أنّها تقتلني وتميتني ، بل إنها تأخذ حياتي .
قلت : وهل تعلمين أنّي أنا أيضاً لا أستطيع العيش بدونك ، وأنّها إن قتلتك ، تقتلني ؟
قالت : نعم أعرف . وكما تحتاج أنت لرحيقي ، كذلك انا بحاجة إليك .
بحاجةٍ إليك لتداعب أوراقي ، لتحرّكني بحنان .
بحاجة إليك لأخرج من جوفي تلك البذرة ، لأحيا من جديد .
بحاجة إليك لأعود الى الحياة ، فلا تتركني وحيدة ....
قلت : أبداً لن أتركك .....!!
***

0 Comments:

Post a Comment

<< Home